فترة الخطوبة و"أحلى الأيام" تحقيقات
كيف ينظر شباب وفتيات هذه الأيام للخطوبة؟!
تتخذ العلاقة بين الشاب والفتاة عدة أشكال.. يقال أن الخطوبة أحلاها كمرحلة ما بعد التعارف الأولي وقبل الزواج،
وغالبا ما يحرص الطرفان في هذه المرحلة على إظهار كل ما يرضي الطرف الآخر وإخفاء أمور ربما لا تبدو ذات أهمية في البداية، ولكنها، وبعد فترة ما، لا بد أن تظهر، فتنعكس سلبا على العلاقة بينهما.
الخطوبة بين الانغلاق والتحرر
يقول فادي الكيال (33 عاما – محاسب) "إذا كان المجتمع الغربي يبيح لكل من الشاب والفتاة حق المعاشرة وإنجاب الأطفال لدراسة ما إذا كانا مناسبين لبعضهما قبل إعلان الزواج، فإن مجتمعنا، وفي أقصى درجات تحرره، قد يسمح للشاب برؤية خطيبته على انفراد خارج نطاق العائلة، ومع أنني أحمل موقفا سلبيا من تلك الطريقة الغربية الإباحية، إلا أنني لا أرى طريقة صحيحة مئة بالمئة للتعرف في مجتمعنا، فحتى الخطوبة كمرحلة تعارف بين شاب وفتاة تباركها عاداتنا وتقاليدنا وترضي ضمير الأسرة، أصبحت تحدد بشروط قاسية حتى غدت في بعض الأحيان كالزواج ذاته، وفسخها ليس أقل من الطلاق بكثير".
ويضيف فادي "المجتمع العصري أفرز علاقات اجتماعية غير سوية انحسبت على الفتيات والشباب أيضا، فغالبا ما يهتم الشاب بالحديث عن السيارة والموبايل أمام خطيبته، والمبالغة في إظهار نفسه بمظهر الغني السخي والمتشعب العلاقات، والمترفع عن الصغائر، بينما تبالغ الفتاة في إظهار جمالها وأنوثتها وتنعيم صوتها واستغلال كل مناسبة لتري خطيبها وأهله كم هي مطيعة وفاتنة..".
الخطوبة "صفقة تجارية!"
أما عمر القشعم فيرى أن بعض الفتيات اللواتي يتمتعن بقدر من الجمال والمال، يلجأن إلى "إستغواء" الشباب من حولهم وجرجرتهم إلى شباك النظرات اللطيفة والابتسامات الخادعة، وحتى عندما تكون إحدى هؤلاء الفتيات مرتبطة بعلاقة خطوبة مع أحدهم لا تنفك تبحث عن شاب يفوق خطيبها مالا أو وسامة أو عائلة، لذلك هي مستعدة في أي لحظة لفك الخطوبة لصالح صفقة جديدة.
ويعرف عمر "الكثيرات من هذا النوع حيث تشكل الخطوبة لهن صفقة يجب أن تعقد مع شاب يحمل أقصى قدر ممكن من المواصفات المطلوبة، وليس علاقة إنسانية سامية، ولكن عمر يعود ليعترف بأن هذه التصرفات تنحسب على الكثير من الشباب أيضا".
لكن كارولين نجم ترى أن "الفتاة بطبيعتها أكثر وفاء من الشاب، وهذا السبب يمنعها من اللعب على الحبال"، وتعتد كارولين بذكائها، معتبرة نفسها قادرة على سبر أغوار أي شاب من النظرة الأولى، وتقول "لا يمكن لأي شاب مهما كان مرواغا وخبيرا ودونجوانا أن يضحك على فتاة ذكية، فتصرفات الشاب واعتناؤه الزائد بنفسه وعشقه للموضة يدلك على أنه شريك غير مثالي يرغب في جذب أكبر عدد من الفتيات حوله، وليس لديه مانع من بناء عدة علاقات حب في وقت واحد".
"العصمة" بيد الشاب وحده
اعتداد كارولين بنفسها يقابله إصرار سوزان نفوري على أن الفتاة في مجتمعنا تعاني من النظرة النمطية لها كأنثى، ولا تحب سوزان أن يسألها أحد: هل خطبت؟ بل: هل انخطبت؟ ذلك أن "الفتيات في مجتمعنا هن ردات فعل وليس لهن سوى انتظار ذلك الخاطب الذي يملك وحده حق الاختيار، مع أن الفتاة تملك حق الرفض الذي قد يكلفها الكثير مستقبلا"،
وتشبِّه سوزان الشاب في مجتمعنا بزبون السوبرماركت الذي يجب أن يكون دائما على حق، وعلى الفتاة أن تحفز جميع إمكانياتها لإرضائه وامتصاص سلبياته، وتقول "إذا كانت الهند الحديثة قد تنكرت لعادة حرق الزوجة حية إلى جانب جثمان زوجها المتوفى، إلا أن هذه العادة لازالت تحكم نظريا قطاعا عريضا من مجتمعاتنا، ففسخ الخطوبة من قبل الشاب يجعل الفتاة في موقف حرج، ويضعها في مرتبة تحت المطلقة مباشرة، وأي شاب ممكن أن يتقدم لخطبتها مستقبلا، سيسأل حتما عن علاقتها بالشاب القديم، وما هي أسباب عزوفه عنها".
البعض يحول الخطيبة إلى "عشيقة"
رولا عيسى ترى أن "البعض قد ينحرف بالخطوبة عن أهدافها الأساسية التي وجدت من أجلها، ويعتبرها مرحلة تسلية و(فوتة وطلعة ومشوار) فقط، وعندما يمل الطرفان بعضهما تطفو على السطح خلافات وقضايا كانت في بدء الخطوبة أمورا غير ذات أهمية، والطرف المنتصر أخيرا هو الذي يحصل على المصاغ وهدايا الخطبة، ويسبق في إعلان انسحابه أمام الناس".
وتعتقد رولا أن لا شيء يحمي الفتاة في مجتمعنا مثل جمالها، فالفتاة الجميلة تستطيع في أي وقت إيجاد العريس (اللقطة)، وتقول "تكفي التلفزيونات بما فيها من إعلانات ومسلسلات وما تحفل به الصحف والمجلات ودور الأزياء وصالونات التجميل والرشاقة، كي تجد أن كل ما في المجتمع العصري يقول للفتاة: انتبهي يا هذه لجمالك، فهناك شباب يبحثون عن خطبية".
وفي السياق تحكي لنا لجين ع تجربة طريفة ومؤثرة، تقول "تشجعت ذات مرة وبروح المغامرة وتقدمت بطلب إلى أحد مكاتب الزواج، وأذكر أن ترويسة الطلب كُتِب عليها ببونط عريض: شعارنا السرية التامة- الخطبة- الزواج، وذهلت عندما استدعيت بعد يومين فقط إلى المكتب المذكور لأجد نفسي أمام شاب يبدو للوهلة الأولى أكثر مما تمنيت، وبدأ فورا يتحدث عن الخطبة والمهر، ولكنه اشترط فترة شهر كتعارف مبدئي قبل ذلك، ولأنني فتاة واعية وحذرة اكتشفت من أول مشوار لنا نواياه الخبيثة".
وتضيف لجين "إذا أردت أن تتعرف أكثر على علاقات الفتيات مع شباب هذه الأيام المراوغ والكاذب، ما عليك إلا أن تقرأ المشكلات التي يبعثن بها بأسماء مرمزة إلى بعض المجلات".
فلنصغي لهم
عيسى ورانية زنبركجي زوجان يعتقدان أن "سر نجاح زواجهما" يعود إلى "البساطة والفقر اللذين جمعهما طيلة فترة الخطوبة ومكاشفة بعضهما بالماضي، والنظرة الواحدة إلى المستقبل"
يقول عيسى "مع أن نسبة 90% مما خططنا له لم يستطع الصمود أمام إيقاع العصر المادي، إلا أننا لا زلنا نعيش حياة هانئة، ونتذكر بين الحين والآخر لحظات الخطوبة الجميلة، فيما ترى رانية أن شباب هذه الأيام "ينساق وراء المظاهر الخادعة من سيارات وموبايلات وماكياج...، لذا اختفت علاقات الود والبساطة بين هؤلاء الشباب".
وللمختصين الاجتماعيين كلمة
ترى الباحثة الاجتماعية د. لما حمزة أن "مجتمعنا منفصم، يعجب بالملتزمة ويجري خلف سواها، وهنا تبدأ التناقضات بين الشاب الذي بدأ ينساق وراء بدائل أفرزها المجتمع الحديث، مثل إشباع رغباته عن طريق الانترنت وغيرها".
وترى د. لما أن المرحلة العمرية لها تأثير حاسم في موضوع الخطبة وفشلها، معتقدة أن "عمر 25 للفتاة و30 للشاب هو العمر المناسب للإقدام على هكذا خطوة، بعد أن يكون الطرفان أصبحا على مستوى مقبول من الوعي الاجتماعي والعاطفي، وأدركا أن الخطبة ومن ثم الزواج ليسا مجرد (محبس) و (زفة) فقط، وإنما مسؤولية ينطوي عليها تكوين أسرة ناجحة وتربية نشئ صالح".